في بدايتها، كانت حرب أمريكا في أفغانستان تدور حول الانتقام من أحداث 11 أيلول، وكان الأمر يتعلق بدعم حكومة ضعيفة وجيش ضعيف حتى لا يتمكن تنظيم القاعدة بقيادة “أسامة بن لادن” من تهديد الولايات المتحدة مرة أخرى.
والآن انتهى الأمر، وبعد مقتل “بن لادن: منذ فترة طويلة، إضافة لعدم تعرّض الولايات المتحدة لهجوم كبير آخر، يعد الرئيس الأمريكي “جو بايدن” بإنهاء أطول حرب أمريكية والانتقال إلى ما يراه تحديات أكبر وأكثر أهمية تفرضها كل من روسيا والصين.
في تحليل إخباري لوكالة “أسوشيتد برس”، يرى الصحفي “روبرت برنز” أن “بايدن” يخاطر بسحبه الآلاف المتبقية من القوات الأمريكية في أفغانستان بحلول الذكرى العشرين لهجمات الحادي عشر من أيلول، إذ أن المخاطرة تكمن من وجهة نظره في إمكانية مواجهة متطرفين من أفغانستان في أماكن أخرى في المنطقة، وبذلك يكون الرئيس الذي يقلل من قدرة وصمود المتطرفين الذين ما زالوا يهدفون إلى مهاجمة الولايات المتحدة.
وكان لمدير وكالة المخابرات المركزية “وليام بيرنز الكونجرس” وجهة نظر مشابهة إلى حدّ ما، إذ صرّح يوم الأربعاء، أن الولايات المتحدة ستفقد حتمًا بعض نفوذها الاستخباري ضد التهديد المتطرف، مشيرًا إلى أن الخسائر يمكن السيطرة عليها، وأضاف “إن قدرة الحكومة الأمريكية على جمع التهديدات والتصرف حيالها سوف تتضاءل،
كان هناك 2500 إلى 3000 جندي أمريكي في أفغانستان عندما تولى “بايدن” منصبه، وهو أقل عدد منذ بداية الحرب، وبلغ العدد ذروته عند 100000 خلال الولاية الأولى للرئيس “باراك أوباما”، ومع انخفاض خسائر الحرب الأمريكية، انخفض انتباه الرأي العام الأمريكي أيضًا، فبالكاد تم ذكر الحرب خلال السباق الرئاسي العام الماضي، ومع ذلك، لا تزال المخاوف قائمة.
يقول “ستيفن بيدل”، الأستاذ في جامعة كولومبيا والذي قدم المشورة للقادة الأمريكيين في أفغانستان، إنه من المحتمل أن تتمكن القاعدة من إعادة تأسيس هيكلها الأساسي في أفغانستان بمجرد مغادرة الأمريكيين وشركائهم في التحالف.
إلا أن حركة “طالبان” في أفغانستان كانت قد تعهدت في اتفاق شباط 2020 مع إدارة “ترامب” بأنهم لن يسمحوا للقاعدة أو الجماعات المتطرفة الأخرى باستخدام الأراضي الأفغانية لتهديد الولايات المتحدة، ورغم ذلك فإن هذه الصفقة قد تتعرض للخطر فيما إذا قرر “بايدن” عدم استكمال انسحاب القوات بحلول الأول من “أيار”، كما وعدت إدارة ترامب.
ووفقًا لـ”بيدل” فإن الخطر الأكبر هو أن يؤدس الانسحاب إلى انهيار قوات الأمن الأفغانية وحرب أهلية متعددة الجوانب تشارك فيها فصائل “طالبان” وغيرها “في نسخة أكثر فتكًا من الحرب الأهلية في التسعينيات، مؤكدّا أن هذا “سيكون هذه كارثة إنسانية للأفغان، وقد يؤدي غياب القوات الأمريكية إلى مزيد من عدم الاستقرار في منطقة بها قوتان نوويتان متنافستان هما باكستان والهند، اللتان لديهما حركات تمرد خاصة بهما.
ويسلّط التحليل اللإخباري الضوء على القوة التي قد أصبحت تمتلكها أفغانستان منذ 12 سنة حين صعّد “أوباما” الحرب حتى اليوم، فمن المحتمل أن تكون قوات الأمن الأفغانية أقوى، وهذا ما سنعرفه بعد انسحاب أمريكا من البلاد.
من جهته يرى البنتاغون إن تركيز واشنطن المكثف على مواجهة المتمردين هناك وفي الشرق الأوسط كان بمثابة استنزاف للموارد لدرجة أن الولايات المتحدة تفقد قوتها ضد الصين وروسيا.
أودت الحرب في أفغانستان بحياة أكثر من 2300 من أرواح الأمريكيين وتسببت بمعاناة كبيرة بين الأفغان منذ غزو الولايات المتحدة في تشرين الأول 2001، وبعد عشر سنوات من الحرب، في أيار 2011، قتلت القوات الأمريكية “بن لادن” في باكستان.
كان من المتوقع حينها أن تكون هذه فرصة لواشنطن لإنهاء الحرب بعد أسابيع قليلة من وفاة “بن لادن”، إلا أن تعليق وزير الدفاع “روبرت غيتس” حينها أشار إلى لالعكس، فقد رأى أنه لا يمكن تحديد فيما إذا كان مقتل “بن لادن” سينهي الحرب في أفغانستان”، أما الآن، فقد قرر “بايدن” أن الوقت قد حان، على الرغم من أن الحرب بالنسبة للأفغان قد تكون بعيدة عن الانتهاء.
ملاحظة: قدم “روبرت بيرنز” تقريرًا عن الحرب في أفغانستان منذ الغزو الأمريكي عام 2001 وتولى تغطية قضايا الأمن القومي من واشنطن منذ عام 1990.
ترجمه لموقع الاتحاد برس : ريتا سليمان
المصدر الأصلي: Associated Press
أضف تعليقًا