الأرشيف

تقرير

لماذا يعتبر اعتراف بايدن بالإبادة الجماعية للأرمن مسألة هامة؟

بايدن هو أول رئيس أمريكي يعترف بالإبادة الجماعية للأرمن..وتركيا ليست سعيدة

امتنع الرؤساء السابقون عن استخدام كلمة “إبادة جماعية” فيما يتعلق بالفظائع الجماعية التي ارتكبت ضد الشعب الأرمني في أوائل القرن العشرين، وتنفي تركيا بشكل قاطع وقوع إبادة جماعية، لذا فإن إعلان بايدن يمثل خروجًا كبيرًا عن السابقة، ويمكن أن يشير إلى زيادة التوترات مع تركيا، الحليف القديم للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.

وقال بايدن في بيان يوم السبت “كل عام في مثل هذا اليوم نتذكر حياة كل من ماتوا في الإبادة الجماعية للأرمن في العهد العثماني ونجدد التزامنا بمنع حدوث مثل هذه الفظائع مرة أخرى.”.

وتعد هذه الخطوة بمثابة الوفاء بوعد الحملة الانتخابية لبايدن، إذ تعهد في 24 نيسان من العام الماضي بالاعتراف بالإبادة الجماعية إذا تم انتخابه، يأتي أيضًا في تاريخ رمزي: 24 نيسان وهو يوم ذكرى الإبادة، وهو عيد يحتفل به في أرمينيا كما أنه رمز لرغبة إدارة بايدن في تركيز حقوق الإنسان في أجندة سياستها الخارجية، حتى على حساب تدهور العلاقات مع تركيا.

بايدن هو أول زعيم أمريكي منذ عقود يستخدم كلمة “إبادة جماعية” فيما يتعلق بأحداث 1915-1923، وقد قدم الرؤساء السابقون، بما في ذلك جورج دبليو بوش وباراك أوباما، وعودًا مماثلة في حملتهم الانتخابية بالاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن، لكنهم لم يلتزموا بعد تنصيبهم.

مع إضافة الولايات المتحدة، تعترف 30 دولة – بما في ذلك فرنسا وألمانيا وروسيا – الآن بالإبادة الجماعية، وفقًا لقائمة يحتفظ بها المعهد الوطني الأرمني في واشنطن العاصمة.

جدير بالذكر أنه وقبل اعتراف بايدن بيوم واحد فقط، تحدث مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مكالمة هاتفية، وكانت هذه أول محادثة بين الزعيمين المتحالفين منذ أن تولى بايدن منصبه قبل أكثر من ثلاثة أشهر، والتي اعتبرها بعض الخبراء الإقليميين علامة على تهدئة العلاقات بين البلدين.

واتفق الطرفان خلال المكالمة على عقد اجتماع ثنائي “على هامش قمة الناتو في يونيو”، ووفقًا للتقارير الإخبارية، فقد أبلغ بايدن أردوغان بنيته الاعتراف بالإبادة الجماعية، ومع ذلك فإن بيان بايدن أثار رد فعل قاسٍ من تركيا.

وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان يوم السبت “نرفض وندين بأشد العبارات بيان رئيس الولايات المتحدة بشأن أحداث عام 1915 تحت ضغط الدوائر الأرمنية المتطرفة والجماعات المناهضة لتركيا في 24 نيسان”، ودعت بايدن “لتصحيح هذا الخطأ الجسيم”.

وأضافت الوزارة التركية “هذا البيان الصادر عن الولايات المتحدة … لن يقبله ضمير الشعب التركي، وسوف يفتح جرحًا عميقًا يقوض صداقتنا وثقتنا المتبادلة”.

أما عن ردّ الأرمن البارزين، بمن فيهم رئيس الوزراء نيكول باشينيان، فقد كان ردّا شاكرًا ومرحبًا ببيان بايدن، وغرد باشينيان بيانًا موموجزًاعلى تويتر، قائلًا إن كلمات الرئيس أشادت بضحايا الإبادة الجماعية وستساعد أيضًا على منع “تكرار جرائم مماثلة ضد البشرية”.

وأضاف: “إنني أقدر بشدة موقفك المبدئي، والذي يعد خطوة قوية على طريق الاعتراف بالحقيقة والعدالة التاريخية ودعم لا يقدر بثمن لأحفاد ضحايا الإبادة الجماعية للأرمن”، كما رحب المشرعون الأمريكيون بقرار بايدن. واحتفل السناتور عن ولاية نيو جيرسي بوب مينينديز، الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ، بالبيان في تغريدة يوم السبت. فكتب مينينديز من حساب لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ على تويتر: “نشكر أنPOTUS ستتماشى مع إجماع الكونجرس والأكاديميين”. “كما قلت في عام 2019 عندما أقر مجلس الشيوخ قرارنا بالاعتراف والإحياء ذكرى الإبادة الجماعية، فإن التغاضي عن المعاناة الإنسانية ليس من نحن كشعب. إنه ليس ما ندافع عنه كأمة “.

ويرى الصحفي “بيترز” أن بايدن يتخذ مقاربة جديدة للعلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا، إذ لم يكن رد فعل أنقرة الشديد على اعتراف الولايات المتحدة بالإبادة الجماعية للأرمن مفاجئًا، حيث كان الموضوع لفترة طويلة نقطة خلاف دولي بالنسبة لتركيا.

وتعتبر مزاعم الإبادة الجماعية إهانة لتركيا، وهي جريمة أثارت اتهامات جنائية في الماضي – لأنها تورط أشخاصًا ساعدوا في تأسيس دولة تركيا الحديثة بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية في عام 1922.

يتخذ بايدن مقاربة جديدة للعلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا
جهود تركيا العدوانية للرد على محاولات الاعتراف بالفظائع التي ارتكبت ضد الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى تجعل قرار بايدن استثنائيًا للغاية، وفي السابق، ردّت تركيا على الدول التي اعترفت بالإبادة الجماعية من خلال استدعاء الدبلوماسيين، بما في ذلك السفراء في ألمانيا والفاتيكان.

وتحسبًا لبيان بايدن، حذر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يوم الثلاثاء الفائت، بشأن هذه المسألة، وقال إن كلمات بايدن قد تكون لها عواقب، وأضاف جاويش أوغلو: “البيانات التي ليس لها أي التزام قانوني لن يكون لها أي فائدة، لكنها ستضر العلاقات”، “إذا كانت الولايات المتحدة تريد زيادة العلاقات سوءًا، فالقرار هو قرارهم”.

برأي “أماندا توب” التي تعمل كصحفية في مجلة Vox منذ عام 2015، فإن مثل هذه المخاوف بشأن المصالح الاستراتيجية في المنطقة تعني منذ فترة طويلة أن الولايات المتحدة وحلفاء مثل المملكة المتحدة تجنّبوا تصنيف الفظائع الجماعية ضد الأرمن على أنها إبادة جماعية.

أما إدارة بايدن فقد اتخذت بالفعل موقفًا أكثر تشددًا بشأن علاقة الولايات المتحدة مع تركيا من الإدارات السابقة، وحين كان بايدن مرشحًا، وصف أردوغان بأنه “مستبد” في مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز”، وفي الشهر الماضي أدانت إدارته “قضايا حقوق الإنسان المهمة” في تركيا الحديثة، بما في ذلك السجن والتعذيب المزعوم للصحفيين والنشطاء و المنشقين السياسيين.

في حين أنه من غير الواضح بالضبط كيف ستبدو تداعيات إعلان يوم السبت، إلا أن هناك عوامل أخرى أدت بالفعل إلى توتر العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا، ففي كانون الأول من العام الماضي، على سبيل المثال، قبل فترة وجيزة من تولي بايدن منصبه، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على تركيا لشرائها معدات عسكرية روسية، وفي عام 2019، أزالت الولايات المتحدة تركيا أيضًا من برنامج مقاتلات الشبح المشتركة من طراز F-35 خلال عملية الشراء نفسها.

ويوم السبت، سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة “سامانثا باور”، وهي أيضًا مرشح بايدن لإدارة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) ومؤلفة الكتاب الحائز على جائزة بوليتزر “مشكلة من الجحيم : أمريكا وعصر الإبادة الجماعية”، وقد أكدت “باور” بأن قرار بايدن كان خطوة مهمة في صد استبداد أردوغان المتزايد.

وغردت عبر تويتر: “تركيا دولة قوية في منطقة حرجة”، إنها جزء من الناتو، وعلاقتنا مهمة، لكن نجاح الرئيس أردوغان في ابتزاز الولايات المتحدة (ودول أخرى) وإصرارها على عدم الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن ربما شجعه لأنه أصبح أكثر قمعًا “.

ترجمه لموقع الاتحاد برس : ريتا سليمان

الحفّار

فريق التحرير

أضف تعليقًا

اضغط لإضافة التعليق