الأرشيف

كتاب

مما قرأه بيل غايتس_ ألف دماغ، نظريةٌ جديدةٌ عن الذكاء

A Thousand Brains: A New Theory of Intelligence،
A Thousand Brains: A New Theory of Intelligence،
جيف هوكينز

كتاب دريل_ ترجمات
فادي حسن_ اللاذقية

هل هكذا يعمل دماغنا؟ يستكشف كتاب جيف هوكينز نظرية جديدة حول الذكاء البشري. من بين جميع الموضوعات التي كنت أتعلم عنها مؤخرًا، يتسم أحدها بتعقيد مذهل: فهم كيف تؤدي الخلايا والوصلات في أدمغتنا إلى الوعي وقدرتنا على التعلم. لقد تعلمنا الكثير في السنوات الأخيرة بفضل التطور في آلات مراقبة نشاط الدماغ، والسرعة في اكتشاف التسلسل الوراثي، وغيرها من التطورات التكنولوجية.

فنحن الآن نعرف الكثير عن الأنواع المختلفة من الخلايا العصبية التي تشكل الدماغ، وكيف تتواصل مع بعضها، وأي منها تنشط عندما نقوم بمهامنا. لذلك، يسمى عصرنا العصر الذهبي لعلم الأعصاب.

لكن في الواقع لقد بدأنا للتو في فهم كيفية عمل دماغ الدودة – ولديها 300 خلية عصبية فقط، مقارنة بـ 86 مليارًا لدينا. لذا تستطيع تخيل كم نحن بعيدون عن الحصول على إجابات للأسئلة الكبيرة والمهمة جداً حول وظيفة الدماغ، بما فيها أسباب التنكس العصبي وكيفية منعه.

فمشاهدة والدي بلا حول ولا قوة وحالته تتدهور بسبب مرض الزهايمر جعلني أدرك أن هذا العصر لم يكن بعد عصرًا ذهبيًا بل أشبه بفجر مبكر.على مر السنين، قرأت عددًا لا بأس به من الكتب عن الدماغ، معظمها كتبه علماء أعصاب أكاديميون ينظرون إليه من خلال عدسة التجارِب المعملية المعقدة. إلى أن وقعت مؤخرًا على كتاب عن الدماغ يتبع منهجًا نظريًا أكثر وهو ألف دماغ، نظرية جديدة عن الذكاء A Thousand Brains: A New Theory of Intelligence، بقلم رائد الأعمال التكنولوجية وهو Jeff Hawkins.

تعرفت إلى هوكينز في التسعينيات، عندما كان أحد رواد الحوسبة المحمولة ومخترعًا مشاركًا لجهاز PalmPilot. وبعد مسيرته المهنية في مجال التكنولوجيا، قرر العمل بتركيز فردي على مشكلة واحدة فقط: إجراء تحسينات كبيرة في التعلم الآلي. منصته للقيام بذلك هي شركة Numenta في وادي السيليكون أسسها في 2005.

يعتبر مجال التعلم الآلي مبشراً بخير كثير. وفي اعتقادي أنه في العقود القادمة سننتج آلات تتمتع بنوع من “الذكاء العام” واسع ومرن سيمكنها من مساعدتنا في مواجهة تحديات معقدة ومتعددة مثل تحسين الطب من خلال فهم أكثر تقدمًا لكيفية انقلاب البروتينات.

لا يوجد شيء نسميه الذكاء الصناعي اليوم يملك مثل هذا النوع من الذكاء.وكما يقول هوكينز “لا يوجد وعي ذاتي أو” أنا “في الذكاء الاصطناعي.” يمكن لأجهزة الكمبيوتر التغلب على خبير الشطرنج لكنها لا تعرف أن الشطرنج لُعْبَة. ويجادل هوكينز بأنه لا يمكننا تحقيق ذكاء اصطناعي عام “من خلال القيام بالمزيد مما نقوم به حاليًا”.

وبرأيه فإن فهم المزيد عن جزء الدماغ المسمى القشرة المخية الحديثة هو المفتاح لتطوير ذكاء اصطناعي عام حقيقي وهذا موضوع الكتاب.ويلائم الكتاب للقارئ العادي ذو الخلفية المتواضعة في علوم الدماغ أو الكمبيوتر.

وفي الكتاب معلومات رائعة حول بنية الدماغ وأدلة تدفع للتفكير حول مستقبل الآلات الذكية. يقول عالم الأحياء التطوري الأسطوري ريتشارد دوكينز في مقدمة الكتاب أنه “سيحول عقلك إلى دوامة من … الأفكار الاستفزازية” وأنا شخصياً أوافقه الرأي.يبدأ هوكينز بسرد أساسيات القشرة المخية الحديثة التي تشكل 70 بالمائة من دماغ الإنسان. إنها مسؤولة عن كل شيء تقريبًا نربطه بالذكاء، مثل قدرتنا على التحدث وتأليف الموسيقى وحل المسائل المعقدة.

يستند هوكينز إلى عمل عالم الأعصاب فيرنون ماونتكاسل. فيقول إن الدائرة الأساسية للقشرة المخية العصبية تسمى “العمود القشري” التي تنقسم إلى مئات “الأعمدة الصغيرة” مع حوالي مئة خلية عصبية فردية. ويجادل “سعينا لفهم الذكاء يتلخص في معرفة عمل العمود القشري وكيفيته.”فهو يعتقد أن الوظيفة الأساسية للعمود القشري هي التنبؤ المستمر حول العالم ونحن نتحرك خلاله.

يقول هوكينز: ” تتنبأ القشرة المخية الحديثة مع كل حركة بما سيكون الإحساس التالي”. “إذا كان أي إدخال لا يتطابق مع تنبؤات الدماغ … فهذا ينبه القشرة المخية الحديثة بأن نموذجها لهذا الجزء من العالم بحاجة إلى التحديث.”ويأتي عنوان الكتاب من النتيجة التي توصل إليها هوكينز بأن الأعمدة القشرية تعمل متوازية، فيتنبأ كل منها بشكل منفصل حول ماهية الإحساس بالمدخل التالي. بمعنى أن كل عمود يعمل كآلة تعلم بنفسه.

إذا كان هوكينز محقًا في أن السبيل الوحيد القابل للتطبيق إلى الذكاء الاصطناعي العام هو من خلال تقليد أعمال القشرة المخية الحديثة، فهذا يعني أنه من غير المحتمل أن تحل الآلات الذكية محل الجنس البشري أو تخضع له – وهو نوع الشيء الذي تراه في أفلام الخيال العلمي الكلاسيكية مثل The Matrix و The Terminator. ذلك لأن القشرة المخية الحديثة تعمل بشكل مختلف عن أجزاء الدماغ التي تطورت قبل ذلك بكثير التي تحرك مشاعرنا وغرائزنا البدائية.

يقول هوكينز: “تحتاج الآلات الذكية إلى نموذج للعالم تستقي منه مرونة السلوك، لكنها لا تحتاج إلى غرائز شبيهة بالإنسان من أجل البقاء والإنجاب”. أي سنتمكن في النهاية من صنع آلات تقلد القشرة المخية الحديثة المنطقية والعقلانية دون الحاجة إلى لفها حول دماغ قديم هو “الوحش الجاهل” الموصّل للخوف والجشع والغيرة والخطايا البشرية الأخرى.

لهذا السبب يرفض هوكينز فكرة أن البشر سيفقدون السيطرة على الآلات التي يصنعونها. لسوء الحظ، قد ما نزال بحاجة إلى الاهتمام بالجانب المظلم للذكاء الاصطناعي. حتى لو قامت الآلات الذكية بتقليد “الدماغ الجديد” فقط ولم تكن مثقلة بـ “عقل قديم”، سيظل بعض الناس يحاولون استخدامها لأغراض سيئة. وللأسف، هذه هي الطبيعة البشرية.

وأخيراً أعود إلى فرضيتي التي بدأت بها بأننا ما زلنا في وقت مبكر في فهمنا للدماغ البشري مقارنةً بكل جزء آخر من عالمنا. فنحن لا نعرف حتى الآن ما إذا كانت نظرية الألف عقل لهوكنز ستصمد أمام التدقيق التجريبي. حتى لو حدث ذلك، فنحن ما زلنا لا نعرف كيفية تقليد الأعمدة القشرية باستخدام التقنيات الرقمية.كلّما أعرفه على وجه اليقين هو أنني سأقرأ المزيد عن هذا الموضوع. آمل أن يساعد ذلك في تحقيق إبداعات عظيمة في الطريقة التي نتبعها لحل أصعب مشكلات العالم.

المصدر: اضغط هنا

الحفّار

فريق التحرير

أضف تعليقًا

اضغط لإضافة التعليق