الأرشيف

العاقل ترجمات

كيف جعل رهاب المثلية الرَّقْم 24 من المحرمات في كرة القدم البرازيلية

في مباراة في فبراير 2020 ، يظهر لاعب فلامنجو غابرييل باربوسا - المعروف باسم جابيجول - قميصًا يحمل الرقم 24 كجزء من حملة ضد رهاب المثلية في كرة القدم البرازيلية DHAVID NORMANDO AFP / File
في مباراة في فبراير 2020 ، يظهر لاعب فلامنجو غابرييل باربوسا - المعروف باسم جابيجول - قميصًا يحمل الرقم 24 كجزء من حملة ضد رهاب المثلية في كرة القدم البرازيلية DHAVID NORMANDO AFP / File

ترجمات_دريل||

البرازيل وعشقها لكرة القدم يجعل من انتشار قمصان تلك اللعبة طقساً بل وهوساً، فكيف والبرازيل منبت أساطير هذه الرياضة مثل رونالدو بقميصه الذي يحمل الرَّقْم 9، وبيليه والرقم 10، وروماريو والرقم 11.

لكن هناك رقمًا واحدًا محظورًا: 24، وهو محور المحرمات المعادية للمثليين. وأصل القصة مضحك وغريب إلى حد يثير الذهول يعود إلى أكثر من قرن في تاريخ البرازيل، ليصل إلى هذه الحالة – وإن كان هناك تحول بطيء – من معاداة للمثليين، وتتبدى بقوة في رياضة كرة القدم.

تعود قصة اعتبار الرَّقْم 24 من التابوهات إلى أواخر القرن التاسع عشر وتحديداً عام 1892، في حديقة للحيوان يدعى مالكها البارون خواو باتيستا فيانا دروموند. ابتكر دروموند طريقة ذكية للخروج من الضائقة المالية التي عصفت به. الفكرة هي لعبة يانصيب أطلق عليها اسم “لعبة الحيوان”. تقضي اللعبة بأن يأخذ زوار حديقة حيوان ريو دي جانيرو تمثالاً صغيرًا لحيوان. وفي كل يوم يقوم موظف من حديقته باختيار حيوان لا على التعيين من بين 25 حيوانًا في الحديقة، ويمنح من يحمل تمثال الحيوان الذي تم اختياره جائزة نقدية.

لاقت اللعبة رواجاً منقطع النظير، حيث قام أصحاب الأعمال ذوي الحيلة الواسعة بطباعة الحيوانات الـ 25 على بطاقات تشبه مثيلتها في لعبة البينغو لبيعها ومقابل جوائز مختلفة. حظرت اللعبة بعد ثلاثة أعوام، ولكن بعد أن أصبحت عادة برازيلية استمرت حتى اليوم، تديرها المافيا المرتبطة بالعديد من أكبر الشركات في البرازيل من السياسة إلى الكرنفال والموسيقى وصولاً إلى كرة القدم.    

الآن، المربع الرابع والعشرون على بطاقة اللعبة عليه صورة غزال أو veado –  وتستخدم في اللغة البرتغالية للتعبير عن رهاب المثلية الجنسية، على ما يبدو لأن الغزلان يُنظر إليها على أنها أنثوية وتنخرط أحيانًا في علاقات مثلية. ولهذا السبب يخاف لاعبو كرة القدم في البرازيل الرَّقْم 24.

يقول برناردو غونزاليس ، ناشط من مجتمع المثليين ولاعب لفريق الرجال المتحولين في كرة قدم الصالات  Sport Club T Mosqueteiros في ساو باولو: “من الغباء أن تفكر في الأمر لأنه مجرد رقم مثل أي رقم آخر. ولكنه بالتأكيد من المحرمات”.

يتابع برناردو أنه حتى بعض الرجال في البرازيل يتجنبون الرَّقْم 24 عندما ينتقون مقعداً في صالات السينما أو يستأجرون شِقَّة أو حتى عندما يبلغون عمر 24 فيقولون إنهم في العمر 23+1.   وقال لفرانس برس “يفضل لاعبو كرة القدم استخدام رَقْمٍ آخر لأنهم لا يريدون أن يشكك أحد في رجولتهم”.

“لا تستخدم الرَّقْم 24 عندنا”

في فرق الدرجة الأولى البرازيلية للرجال، أربعة فقط من العشرين تستخدم الرَّقْم 24 يحملها ثلاثة لاعبين شباب في عقودهم الاحترافية الأولى. قال كيفين مالتوس، لاعب خط الوَسَط البالغ من العمر 19 عامًا ويلعب مع سانتوس: “اعتقد أنه من المهم لكل فريق أن يضم (الرَّقْم)”.

 وقال لموقع يونيفيرسو أونلاين UOL الإخباري “إنه مجرد رَقَم انتهى به هذا التحيز ضد المثليين. لكن بعض أشهر الرياضيين استخدموه، مثل كوبي براينت”. وأكبر اسم في كرة القدم البرازيلية يحمل الرَّقْم 24 حاليًا هو فيكتور كانتيلو، لاعب خط الوَسَط الدُّوَليّ الكولومبي الذي انضم إلى فريق كورينثيانز في ساو باولو في عام 2020.

تسبب كانتيلو في بلبلة لدى وصوله إلى البرازيل عندما قرر الاحتفاظ بالرقم 24 الذي كان يرتديه في ناديه السابق جونيور. ليقابله احتجاج دويليو مونتيرو ألفيس، مدير كرة القدم في فريق كورينثيانز آنذاك، “ليس الرَّقْم 24، ليس هنا”. أثار هذا التعليق رد فعل عنيف واسع النطاق وحملة شهدت ارتداء العديد من اللاعبين – بما في ذلك أحد أكبر نجوم البرازيل، جابيجول مهاجم فلامنجو – الرَّقْم 24 في مباراة.

لكن الجدل يستمر

رفعت مجموعة حقوق المثليين Arco-Iris مؤخرًا دعوى ضد فريق فلامينغو لاستبعاده رَقْم 24 من فريقه ضمن مباريات كأس العالم تحت 20 سنة لكرة القدم في ساو باولو الشهر الماضي. وقال ممثلو الادعاء إنه سيكون من الصعب إثبات وجود “دافع تمييزي” وأُجّلت القضية. كما حمل لاعب في فريق آخر هو خوراندير لاعب جناح فريق أمريكا مينيرو الرَّقْم 24 وواجه هتافات معادية للمثليين.

رمز المقاومة

يقول المتخصص في علم الاجتماع رودريغو مونتييرو من جامعة فلومينيسي الفدرالية، كل الاستنكار والحركات الاجتماعية لم تكن كافية لطمس تابو الرَّقْم 24. ما تزال كرة القدم مساحة مخصصة للذكور، كما عم جدل كبير الفريق الوطني للبرازيل باعتبار أن المباريات الدولية تسمح فقط بـ 23 لاعباً ما يتطلب أرقاماً متسلسلة.

ولكن في العام الماضي عندما دفع اجتياح كوفيد-19 منظمي كوبا أمريكا بالسماح بتشكيلات من 28 لاعباً كانت البرازيل الدولة الوحيدة التي امتنعت عن تسجيل رقم 24.

أيضاً رفعت مجموعة أكرو أيريس هذه القضية إلى المحكمة باعتبارها حركة “معادية للمثليين”. بيد أن الاتحاد البرازيلي لكرة القدم قال إن هذا القرار جاء على أساس “اعتبارات رياضية” وأُجّلت القضية. على النقيض من ذلك، يستخدم الرَّقْم 24 بانتظام في كرة القدم النسائية البرازيلية، ويحظى بشعبية كبيرة في فرق المثليين.

“إنه رمز المقاومة” يقول غونزاليس وهو نفسه يحمل الرَّقْم 24.

المصدر: FR24

وائل رئيف سليمان

محرر صحفي، مترجم ومدير محتوى. حاصل على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والصحافة في جامعة دمشق 2005/2006. عمل محررا وكاتبا في الشؤون الدولية ومدير تحرير ومحتوى في وسائل إعلام سورية وعربية.

أضف تعليقًا

اضغط لإضافة التعليق